مصطفى عبده يكتب: قوة الشراكة واقتناص الفرص

الكاتب الصحفي مصطفى عبده
الكاتب الصحفي مصطفى عبده

الأزمات الدولية المتعاقبة، زادت من ضغوط الأعباء الاقتصادية على جميع دول العالم، وأصبح الكل أمام اختبار شديد الصعوبة، وهو ما يفسر: لماذا يعد توقيت انعقاد مؤتمر الاستثمار المصري - الأوروبي بالغ الدقة؟.

العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي ممتدة، لكن الشراكة الاستراتيجية التى بدأها الرئيس عبد الفتاح السيسي، دخلت عهد ذهبي جديد، مع ترفيع العلاقات بين الجانبين إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية والشاملة"، خلال القمة المصرية الأوروبية التى استضافتها القاهرة مارس الماضي.

وهو الأمر الذى دعا، أورسولا فون دير لاين، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، إلى وصف قوة الشراكة والتعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي سواء من خلال القطاع العام أو القطاع الخاص، بأنه يمكنها أن تحرك الجبال.

شهادة ثقة

رسائل قوية وشهادة ثقة يعكسها انعقاد المؤتمر، جميعها تؤكد أن مصر شريك يُمكن الاعتماد عليه في مواجهة التحديات التي تتعاظم يوما بعد الآخر؛ ولما لا فالمؤتمر الذي جاء انعقاده قبيل ساعات من الاحتفال بالذكرى الحادية عشرة لثورة ٣٠ يونيو، التى أكدت وعي وقدرة الشعب المصرى على الخروج من "خانة اليك" التى حاولت الجماعة الظلامية حصار الوطن فيها واختطافه، واستجاب الجيش لنداءات الشعب وساعده على الخلاص.

شعب صامد 

وكما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أثناء كلمته خلال افتتاح المؤتمر البالغ الأهمية، أن التحديات التى واجهتها مصر منذ ٢٠١١ كانت ضخمة جدا، وهو اختبار نجح فيه المصريين.. ويؤكد للمستثمرين أن بيئة الاستثمار آمنة ومستقرة ليس فقط بقدرة دولة ولكن بإرادة شعب قوي صامد تحمل تحديات وتبعات ضخمة جدا، بينها أمور كثيرة، لم يكن مسؤول عنها على الاطلاق مثل أزمة كورونا، والحرب الروسية، وحرب غزة؛ وما لها  جميعا من تداعيات اقتصادية شديدة الصعوبة، تحملها الاقتصاد المصري، ونجح فى عبورها، وهو أكبر ضمانة  للاستثمار والمستثمرين المصرين والأجانب.

اقتناص الفرص 

الشراكة الثنائية القوية تترجم إلى مكاسب متبادلة؛ وهو ما يعكسه حرص الاتحاد الأوروبي على اقتناص الفرص الاستثمارية العظيمة التي توفرها مصر، وتعززها "عبقرية المكان" كما وصفها المفكر الكبير الراحل جمال حمدان فى موسوعته «شخصية مصر»: "مصر المعبر الرَئيس لقارة إفريقيا من جهة الشمال، تكتسب «عبقرية المكان» طريقَين ــ يفتحان غرب القارَة، والقارَة كلها، أمام مصر."

وأضاف حمدان أن "الموقع الطبيعي" بُعدا آخر لا يقل أهمية؛ يتمثل فى "البعد البشري من زاوية العمران العالمي"، وهو ما يُضاعِف من قيمة موقع مصر الاستراتيجي بحُكم الطبيعة؛ فمصر كما تُعدُ حجر الزَاوية بين القارات والبحار، تتوسَط أيضا «القلب المعمور والفعَال من العالم القديم»؛ ذلك الذي يترامى كقاطعٍ يمتد من الموسميات فى جنوب شرق آسيا حتَى المعتدلات فى غرب أوروبا.

استثمارات ضخمة واعدة

الجميع يعي ويعلم أن مصر أرض الفرص، وهو ما تم ترجمته خلال المؤتمر الاستراتيجي إلى الاتفاق على إقامة استثمارات ضخمة في العديد من القطاعات أبرزها فى قطاع الطاقة، وهي استثمارات على مستوى القطاع الخاص، وهذه رسالة أخرى قوية تؤكد تعزيز مشاركة القطاع الخاص في خريطة الاستثمار.

ويتيح الاتحاد الأوروبي من خلال وثيقة الشراكة الجديدة حزمة بقيمة 7.4 مليار يورو، بواقع 5 مليارات يورو لدعم الموازنة المصرية في إطار آلية الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة؛ بالإضافة إلى ضمانات استثمارات بقيمة 1.8 مليار يورو لجذب القطاع الخاص المحلي والأجنبي وتشجيع تدفقات الاستثمار في مصر، و600 مليون يورو منحًا تنموية.

ولعل من أهم الاتفاقيات الواعدة، التي شهد توقيعها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، خلال المؤتمر، توقيع 4 اتفاقيات في مجال الأمونيا الخضراء مع مطورين أوروبيين بتكلفة استثمارية ضخمة جدا نحو 33 مليار دولار.

كما شهد الدكتور مصطفى مدبولي، توقيع الاتفاقية الخاصة بمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته بمنطقة جرجوب بتكلفة استثمارية 24 مليار يورو في خطوة كبيرة نحو تحول مصر إلى مركز للطاقة النظيفة.

تعظيم الحوافز للمستثمرين 

ومع اقتراب إعلان تشكيل الحكومة الجديدة، التى تؤكد المعطيات أنها  حكومة ذات طابع اقتصادى، تتزايد طموحات المستثمرين فى الحصول على حوافز إضافية، واستكمال الحكومة الخطوات التى قطعتها لتذليل كافة العقبات أمام المستثمرين من خلال العمل على محاور أساسية منها التشريعات والتراخيص والحلول المبتكرة لتحفيز الاستثمار مثل الرخصة الذهبية، لخلق بيئة استثمارية جاذبة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.